أسباب هزيمة ريد بُل الصادمة في التجارب التأهيلية لجائزة المكسيك الكبرى

المهندس بول الجاموس

بعد سيطرة ريد بُل يوم الجمعة على كل من محاكاة اللفات الطويلة واللفة الواحدة تمامًا كما توقع الجميع أتت المفاجأة الصادمة لكل متابع وبما فيهم فريق مرسيدس حيث أغلقت صف الانطلاق الأول لسباق يوم الأحد

تابعونا على وسائل التواصل
Twitter reddit Quora

ما الذي حدث بالفعل وما هي العوامل التي ساهمت بهذه النتيجة غير المتوقعة على الإطلاق؟

1- تحسّن الحلبة وظروفها التي ساعدت مرسيدس

ارتفعت درجة حرارة الحلبة إلى أقصى درجاتها التي كانت عليها طوال عطلة نهاية الأسبوع في الحصتين الثانية والثالثة للتجارب التأهيلية عند 45 إلى 46 درجة مئوية ما يعني ارتفاع 10 إلى 11 درجة مما كانت عليه في التجارب الحرّة الثالثة في الصباح وحوالي 6 إلى7 درجات أكثر من يوم الجمعة.

في الحلبات التي يكون فيها أداء الإطارات على الحدود بدل تغيّر درجة الحرارة تمامًا من سمات التحكم على السيارتين ولفات الخروج من خط الحظائر لتحمية الإطارات.

كانت مرسيدس تشق طريقها بصعوبة أكبر في المنعطفات الأبطأ يوم الجمعة مع درجات الحرارة الأقل من يوم السبت الأمر الذي كان واضحًا بالمعاناة التي اختبرها كل من لويس هاميلتون وفالتري بوتاس بتوجيه السيارة.

على النقيض من ذلك كانت سيارة ريد بُل متزنة وثابتة وكان التماسك الكبير في خلفيّة السيارة قد سمح لـ فيرشتابن وبيريز بتحمية الإطارات الأماميّة بسرعة والاستفادة من قوة وحدة الطاقة بشكل مبكر.

استمر هذا النمط في حصة التجارب التأهيلية الأولى على الرغم من أن التباين كان أقل وضوحًا. انتهى الأمر بتصدر بوتاس تلك الحصة ولكن بسبب قيامه بمحاولة ثانية على الإطارات حيث استغرقه الأمر ثلاث لفات على الحلبة لكي يحطم الزمن الذي سجله ماكس في لفة واحدة فقط في وقت مبكر من الحصة.

في تلك المرحلة كانت ريد بُل لا تزال تحتفظ بالأفضلية على الرغم من أنها قد تقلصت بالتأكيد لسبب واحد؛ أصبحت مرسيدس الآن قادرة على الحصول على أداء أفضل من الإطارات في اللفة الأولى أو على الأقل محاولة بوتاس قيامه بذلك حيث قال:” لقد تحسنت السيارة بالفعل في التجارب الحرّة الثالثة هذا الصباح لكنني ما زلت أفتقر إلى بعض السرعة في اللفة السريعة الأولى ولكن بعد ظهر هذا اليوم جاءت درجة حرارة الحلبة لتصب في مصلحتنا.”

كان لديه شعور بأن هذا سيكون النمط المطلوب وأنه مع زيادة التماسك كان من السهل الحصول على درجة حرارة أكبر في الإطارات الأمامية لبدء اللفة دون الإفراط في تحمية الإطارات الخلفية بشكل أكثر من اللازم.

لم تكن القصة فقط في أن ارتفاع درجة الحرارة كان يجعل سطح الحلبة أكثر تماسكًا ولكن ذلك الأمر سمح لمرسيدس بإعداد إطاراتها بشكل أفضل وجعل السيارة أكثر توازناً بين الأمام والخلف.

ومن ثم عندما كان المهندسون يحاولون إقناع بوتاس بإجراء مزيد من التغييرات الدقيقة على سيارته لتحضيرها للتصفيات التأهيلية كان مصراً على رغبته في إبقاء إعدادها تمامًا كما كانت في التجارب الحرّة الثالثة.

لقد شعر أن القفزة المتوقعة في درجة الحرارة ستفي بالغرض وإن كل شيء كان يتمحور في لفة الخروج من خط الحظائر وتحمية الإطارات. لم يكن يتوقع بالوقت ذاته أن تلك الآلية ستعمل في الاتجاه المعاكس على سيارة ريد بُل وكل ما يمكنه فعله هو التركيز على مهمته فقط.

في حصة التجارب الثانية ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الحلبة ومع تزود كلتا السيارتين بالإطارات المتوسطة الليونة كانت المرسيدس أقرب مرة أخرى.

قام فيرشتابن بمحاولة واحدة فقط على الإطارات المتوسطة الليونة وكان كل شيء متطابقًا مع هاميلتون في تلك الجولة على الرغم من أن الأخير استفاد من الفجوة الهوائية خلف سيارة بوتاس. أجرى هاميلتون محاولة ثانية لتخطي وقت فيرشتابن حيث قام الأخير بمحاولة أخرى على مجموعة من الإطارات اللينة للتحضير فقط للحصة الثالثة والأخيرة من التجارب التأهيلية.

ومع بدء الحصة الثالثة لم يكن هاميلتون سعيدًا بتوازن مرسيدس على الإطارات اللينة ولم يكن فيرشتابن بدوره راضيًا.

على النقيض من ذلك كان بوتاس مرتاحًا حيث كانت السيارة تتمتع بالتماسك الذي يرغبه مع القليل من الانزلاقات تمامًا كما يرغب أن تكون ولكن ليس كما يشتهي هاميلتون حيث قال: “شعرت أن السيارة بحالة جيدة في التجارب الحرّة الثالثة على الإطارات اللينة وهذا لم يحدث بالنسبة لي في التجارب التأهيلية حيث توجب علي أن أبذل المزيد من الجهد على مقود السيارة”.

لقد كان بعيدًا بنحو نصف عُشر من بوتاس في أولى محاولات الحصة الثالثة حتى مع الاستفادة من الفجوة الهوائية. تمكن بوتاس من التقاط سحب أقل قوة من سيارة الفيراري التابعة لشارل لوكلير.

وأضاف بوتاس: “كان هذا أفضل ما كانت عليه السيارة من ناحية التوازن طوال عطلة نهاية الأسبوع”.

بصرف النظر عن الصعوبات التي سببها تحديد موقع الخروج على الحلبة التي عانى منها فيرشتابن فقد شعر بالحيرة من الأداء الذي وصلت إليه سيارة ريدبُل في هذه المرحلة من التجارب التأهيلية.

يبدو أن درجات الحرارة المرتفعة للحلبة قد قللت من تماسك السيارة في الجهة الخلفية حيث اكتفى ماكس بتسجيل ثالث أسرع زمن فقط وأوضح أن توازن السيارة ذهب بعيدًا عنا وهو الأمر الذي أكده بيريز بدوره.

المحاولة الأولى لبوتاس وضعته في المركز الأول على الرغم من أن المحاولة الثانية له كانت جيدة أيضًا. فشل هاميلتون في تحسين زمنه وكان فيرشتابن في طريقه إلى التحسين حيث كان بعيدًا بـ 0.25 ثانية في محاولته الأخيرة عندما تأخر بسبب الواقعة التي جمعت تسونودا وبيريز التي حصلت أمامه ولكن في النهاية التوقيت المسجل لم يكن كافيًا للإطاحة بزمن بوتاس.

ومع تسجيله للزمن الأسرع أضاف بوتاس “إنها حلبة صعبة ومخادعة للغاية لتسجيل لفة واحدة جيدة ونظيفة فيتوجب عليك الحصول على درجة الحرارة للإطارات في النافذة الصحيحة، كان الأمر كله يتعلق بتحسين ضبط السيارة وإعدادها وارتفاع درجة حرارة الحلبة وتحمية الإطارات بصورة مثالية في اللفة التحضيرية.” مزيج كان يتوقعه الفنلندي بذكاء.

لكن بالنسبة إلى فيرشتابن لم يكن هناك لغز حول سبب إغلاق مرسيدس للصف الأمامي حيث قال: “كنا بطيئين حقًا والتماسك كان سيئًا في الحصة الثالثة لم يكن الأمر كما كانت عليه السيارة في جميع الحصص الحرّة السابقة.”

2- تأثير تسونودا

أن تلقى تسونودا لعقوبة التراجع بسبب تغييره وحدة الطاقة على سيارة ألفا تاوري لم يمنعه من المشاركة في التجارب التأهيلية وإعطاء زميله بيار غاسلي الفجوة الهوائية خاصة وأن الفريق أظهر سرعة كبيرة في المكسيك. وخلال قيامه بذلك ولحظة إفساحه المجال في المنعطف الثامن للسيارات الأسرع منه تسبب برفع سحابة غبار صرفت انتباه بيريز وجعلته بدوره يقوم بالخطوة نفسها قبل وصول فيرشتابن في سرعة كاملة إلى مكان الحادث.

في المحاولة الأخيرة لـ فيرشتابن، تحسن زمنه بمقدار 0.25 ثانية حتى المنعطف الثامن. فهل كان باستطاعته إيجاد 0.1 ثانية أخرى في المنعطفات التسع المتبقية؟ إنه أمر لا يمكن تصوره.

حيث قال فيرشتابن: “لا أحب أن أقول إنه لولا تلك الواقعة كنت لأحقق قطب الانطلاق الأول لكنني أعتقد أنني كنت سأقاتل على الأقل لتقليص الفارق.”

مع السيارة التي فقدت توازنها والتي لم تكن متزنة وثابتة كما كانت عليه طوال يوم الجمعة وحتى صباح السبت لا يزال من الممكن تصور بتلك اللفة أن يخطف ماكس قطب الانطلاق الأول من بوتاس.

تمركزت مرسيدس على الحلبة بشكل أفضل حيث قامت بإخراج بوتاس وهاملتون مباشرة في آخر مجموعة السيارات على الحلبة وقد سار المخطط بالشكل المثالي بينما تواجدت ريد بُل في ذلك الجزء الأكثر ازدحامًا من الحلبة الأمر الذي صب ضد مصلحتها.

لكن كان من الممكن أن تسير الأمور في الاتجاه الآخر بسهولة حيث كان من الممكن أن تأثر حادثة العلم الأصفر لو حدثت خلف ريد بُل على مرسيدس.

3- مرسيدس أظهرت قوة كبيرة من وحدة الطاقة لا يستهان بها في المكسيك

لم يكن أي من حِكم بوتاس العظيم على إعداد السيارة، أو لفته الطائرة الدقيقة والممتازة، أو مشاكل التوازن على سيارة فيرشتابن أو حتى حادثة بيريز/ تسونودا ذات أهمية كبرى بحال كانت مرسيدس غير قادرة على المنافسة على صعيد القوة الحصانية كما كان يخشى الفريق قبل وصوله إلى المكسيك.

حيث أكد توتو وولف بعد ذلك أن وحدة الطاقة أصبحت الآن أقوى في الارتفاعات العالية مما كانت عليه في السنوات الماضية بعد التغييرات والتحديثات المتواصلة لتقليل الحرارة التي يولدها الشاحن التوربيني.

تظهر آثار البيانات المصاحبة أنها كانت منافسة على الأقل مع هوندا في القدرة الحصانية.

إن زاوية الانحناء الأمامية المنخفضة على سيارة مرسيدس تُفسر جزئياً سرعتها العالية في الوصل إلى المنعطف الأول ولكنها سريعة أيضًا في الخروج من المنعطف الثالث قبل الخط المستقيم الأقصر.

تشير حقيقة قيام ريد بُل بعد ذلك بتعويض السرعة قبل منطقة الكبح في المنعطف الرابع على الرغم من ارتفاع الجرّ إلى أنه قد يكون هناك اختلاف في توزيع نشر الطاقة بين وحدتي طاقة الفريقين. ولكن على الأقل محرك مرسيدس على نفس المستوى التنافسي مع هوندا وذلك ما يؤكد إصرار هاملتون على أن فارق السرعة بالحصص الحرّة مرده لافتقار مرسيدس للارتكازيّة بالمقارنة مع ريدبُل.

ومع ذلك يبدو أن هوندا لا تزال تتمتع بأفضلية على هذا الارتفاع. بالنظر إلى مقارنة السرعة القصوى بين أفضل لفات هاملتون وفيرشتابن يمكننا أن نرى أنه على الرغم من أن مرسيدس كانت أسرع في المنعطف الأخير فإن ريدبُل كانت أسرع على الفور تقريبًا في بداية الخط المستقيم.

لكن الجرّ المنخفض لمرسيدس سرعان ما يبدأ في تعزيز سرعة السيارة القصوى مع ارتفاع السرعات ويمكن ملاحظة مدى وصولها إلى نفس السرعات في وقت مبكر بالمقارنة مع ريد بُل.

4- مشاكل الجناح الخلفي على سيارة ريدبُل

كان هناك الكثير من الاهتمام للإصلاحات المتأخرة للجناحين الخلفيين لكلا من سيارة بيريز وفيرشتابن قبل بداية التجارب التأهيلية أدى ذلك حتمًا إلى تكهنات حول ما إذا كان أدائهما قد تأثر بأي شكل من الأشكال.

 وصف كريستيان هورنر هذه المشكلة بأنها إجهاد محتمل حول القسم الذي يربط بين رفرفة الجناح الخلفي واللوحة الطرفيّة وأصر على أن ذلك كان إصلاحًا احترازيًا. وقال فيرشتابن:”وجدنا صدعًا بعد التجارب الحرّة الثالثة لكن الجناح كان يعمل كما ينبغي بعد أن تم ترقيعه لم يكن هذا هو سبب معاناتنا”.

ولكن هل كان القلق والتركيز على مشكلة الجناح قد جعل الاهتمام والأولوية بعيدًا عن التفكير في الآثار المترتبة على ارتفاع درجة حرارة الحلبة؟ في مثل هذه الأشياء الصغيرة يمكن أن تنقلب السباقات والبطولات رأسًا على عقب.

Bookmark the permalink.